الخميس، 28 يونيو 2012

القطاة والأرنب والسنو


القطاة والأرنب والسنو

قال الغراب للبوم: اعلم أن من يبتلى بتسلط شخص مخادع عليه يصيبه ما أصاب القطاة والأرنب عندما اختارا السنور ليكون قاضياً يحكم بينهما.

فقال البوم: أنا أعرف القطاة، فهي طيرٌ بريٌ ريشه أصفر، يشبه طير الحمام في شكله وحجمه، والقطاة لا تبني عشها فوق أغصان الأشجار، وإنما تجعل عشها فوق التراب على وجه الأرض.. كما أعرف السنور فهو حيوانٌ مفترسٌ غدارٌ وماكر، مثل الثعلب، ويحب لحم الطير والأرانب كثيراً.. فما حكايتهما؟



قال الغراب: كانت لي جارةً من القطا، جعلت عشها على شكل دائرة من الحصى تحت الشجرة الضخمة التي بنيت عشي في أعلاها. وكانت تلك القطاة اللطيفة تكثر من زيارتنا، فتوطدت علاقات المودة والصداقة بيننا، وطال جوار بعضنا لبعض. ثم إني فقدتها فلم أدر أين غابت. وطالت غيبتها عني حتى ظننت أنها قد هلكت. فجاءت أرنبٌ إلى مكانها لتسكنه فكرهت أن أخاصمها في مكان القطاة التي لا أدري ما فعل بها الدهر. فلبثت الأرنب في ذلك المكان زماناً. ثم إن القطاة رجعت إلى مكانها، فما وجدت فيه الأرنب قالت لها: هذا المكان مكاني، فانتقلي عنه. قالت الأرنب: المسكن في يدي، وأنت المدعية، فإن كان لك حقٌ فاستعدي علي. قالت القطاة: المكان مكاني، ولي على ذلك البينة. قالت الأرنب: نحتاج إلى القاضي قبل البينة. قالت القطاة: ههنا قريبٌ منا القاضي فانطلقي بنا إليه. فسألتها الأرنب: ومن القاضي؟ قالت القطاة: سنورٌ متعبدٌ يصوم النهار ويقوم الليل ولا يؤذي دابةً ولا يأكل إلا الحشيش، فاذهبي بنا إليه.

فانطلقا، وتبعتهما لأنظر إلى ذلك السنور الصوام وقضائه بينهما. فأتيا إليه هائبين له.




فلما رآهما قد أقبلا من بعيد انتصب قائماً يصلي، فتعجبت الأرنب مما رأت منه. ولما صارا إليه دنوا منه هائبين له، فطلبا إليه أن يقضي بينهما. فأمرهما أن يقصا قصتهما عليه، وقال لهما: لقد أدركني الكبر وثقل سمعي فما أكاد أسمع، فادنوا مني لأسمع منكما. فدنوا وأعادا عليه قصتهما. وظل يقص عليهما ويدنوان منه ويستأنسان به حتى وثب عليهما جميعاً فقتلهما وأكلهما.

وأنا إنما سردت لك هذه الحكاية لتثق بأن الشخص البريء ينبغي عليه أن يحذر خداع الغدارين الماكرين الكذابين.




0 التعليقات:

إرسال تعليق